وليس المقام مقام شرح القول في ذلك ، وقد مضى بعض الكلام ممّا يتعلّق بالمقام في الجزء الأوّل من التعليقة (١) ، ولعلّنا نتكلّم فيه أيضا حسبما يساعدنا التوفيق ، وإن كانت الإحاطة بما لهم من الشأن محالا لغير خالقهم ( جلّ جلاله ).
ثمّ إن الرواية عند التأمّل ظاهرة في خصوص الشبهة الغير المحصورة ، وإن أبيت إلاّ عن ظهور قوله عليهالسلام عقيب الاستفهام الإنكاري في مقام التحديد وإعطاء الضابطة ( فما علمت أنّ فيه الميتة ... إلى آخره ) (٢) في العلم التفصيلي وتجويز الارتكاب مع العلم الإجمالي ولو في الشبهة المحصورة ، فلا بد من صرفه عن ذلك بما دلّ على وجوب الاجتناب فيها ، هذا حاصل تقريب دلالة الرواية على المدّعى.
ويتوجّه عليه : ما أفاده بقوله : ( إلا أن يدّعى أن المراد ... إلى آخره ) (٣) الذي يرجع حاصله إلى أن الاستدلال بالرواية على ما ذكر في تقريب الاستدلال مبنيّ على كون الرواية مسوقة سؤالا وجوابا لبيان حكم الجبن الذي يحتمل كونه من أطراف العلم الإجمالي ، وليس الأمر كذلك ، بل هي مسوقة لبيان دفع توهّم كون مجرد العلم بجعل الميتة في مكان موجبا للاجتناب عن جبن غيره من الأمكنة الخارجة عن أطراف العلم لمجرد احتمال كونه مثل المكان المعلوم حاله.
__________________
(١) بحر الفوائد ج ١ / ، وأيضا : ج ٢ / ٦٠.
(٢) قد مرّ تخريجه آنفا.
(٣) فرائد الأصول ج / ٢٦٣.