بالجبن الذي يعمل في مكان مخصوص لعدم تعلّق رؤيته إلاّ بذلك ، فلو أخبر عن غيره كان إخباره مستندا إلى الحدس والقياس ، لا الإحساس كما هو ظاهر.
فالجواب مبنيّ على حصول العلم إجمالا بوجود ما لا يجوز شراؤه وأكله في كلّيّ الجبن ، فيدلّ على عدم مانعيّة العلم الإجمالي عن الحكم بالحلّيّة وترتيب آثار الحلال على أطراف الشبهة.
ويؤيّد ما ذكرنا من التقريب بل يدلّ عليه قوله عليهالسلام أخيرا في الجواب : ( والله إني لأعترض السوق ... ) (١) الحديث فإن مثل ذلك القول إنّما يقال عرفا في مقام العلم بانتفاء متعلّق الظن ، وأنه لا يصلح تعلّق الظن به أبدا ، لا في مقام مجرّد عدم وجوب تحصيل الظن والإعلام بذلك كما هو ظاهر عند من حاول العرفيات.
وهذا الكلام وإن كان ظاهرا في عمل الإمام عليهالسلام بالحكم الظاهري كسائر الناس ـ كما هو ظاهر بعض الأخبار الأخر أيضا ، مع كونه خلاف ما قضى به الدليل القطعيّ في باب علمهم ولو بالنسبة إلى الموضوعات ؛ حيث إن لازمه الوقوع في خلاف الواقع أحيانا المنافي لساحة شأنهم وكونهم خزّان علم الله ـ إلاّ أن هذا التعبير إنّما هو بحسب ما يزعمه كثير من أهل زمانهم من تجويز الجهل عليهم بالنسبة إلى الموضوعات الخارجيّة ككثير من أهالي سائر الأعصار والأزمنة ،
__________________
(١) المحاسن : ج ٢ / ٤٩٥ باب « الجبن » ـ ح ٥٩٧ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٥ / ١١٩ باب « جواز أكل الجبن ونحوه مما ... » ـ ح ٥.