ويدلّ على ذلك ـ مضافا إلى كون هذا المعنى ظاهرا منها ـ : الاستفهام الإنكاري فإنه على الأوّل لا معنى للإنكار أصلا ، بل الاحتياط في محلّه ، وهذا بخلاف ما لو كان السؤال عن حكم مجرّد الاحتمال قياسا على مورد العلم الإجمالي فإن الإنكار في محلّه. ثمّ على تقدير مساواة هذا الاحتمال في الرواية للاحتمال الأوّل تسقط عن الاستدلال أيضا.
لا يقال : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام التفريع : ( فما علمت فيه الميتة ... ) (١) الحديث ظاهر في إناطة الجواز والمنع بعدم العلم التفصيلي ووجوده فما لم يعلم تفصيلا كون الجبن الخاصّ مما جعل فيه الميتة جاز أكله ولو كان من أطراف العلم الإجمالي ، غاية ما هناك قيام الدليل على خروج الشبهة المحصورة من هذه الكليّة المذكورة في مقام إعطاء الضابطة.
لأنّا نقول : إناطة المنع بالعلم التفصيلي بالحرمة على ما هو ظاهر القضيّة مسلّمة لا شبهة فيها ، إلاّ أنها لا تفيد في إثبات المدّعى أصلا ؛ من حيث إن قوله تعالى تفريع على إنكار كون العلم الإجمالي سببا للاجتناب عمّا ليس من أطرافه من الشبهات البدوية على ما عرفت من معنى الرواية ، فيستقيم إناطة المنع فيها بالعلم التفصيلي كما هو ظاهر لفرض فقد العلم الإجمالي بالنسبة إليها.
هذا حاصل ما يستفاد مما أفاده شيخنا قدسسره من الجواب عن الرواية بقوله :
__________________
(١) تقدم تخريجه آنفا.