الأخباريون من أصحابنا المجتهدين في الحكم بالإباحة فيها ، وقد خرجوا بها عما اقتضى بزعمهم وجوب التّوقف في مطلق الشبهة الشاملة للشبهة الموضوعيّة بعمومها كأخبار التثليث ونحوها ، ومما استدلّ به غير واحد على الإباحة في الشبهة الموضوعيّة تبعا للعلامة قدسسره رواية مسعدة بن صدقة ، ولا إشكال في ظهورها صدرا وذيلا في المدّعى ، مع عدم استظهار التمثيل من الأمثلة المذكورة فيها للكليّة المذكورة فيها صدرا وذيلا سواء استظهر التقريب ، كما استظهره بعض أفاضل مقاربي عصرنا في « فصوله » (١) أو لم يستظهر شيء منها وحكم بإجمال الرواية من هذه الجهة ، في وجه توضيح ذلك :
أنه لا إشكال في أن الحلّيّة في الأمثلة المذكورة في الرواية ليست مستندة إلى نفس الشكّ في الحلّيّة ؛ إذ لو لا الأمارات المقتضية للحلّيّة فيها وكذا الأصول الموضوعيّة المقتضية لها الحاكمة على ما يقتضي التحريم فيها بالاتفاق الحاكم على أصالة الحلّيّة ، لم يحكم فيها بالحلّيّة ، فالحلّيّة مستندة إلى تلك ، لا إلى نفس الشّك ؛ فإن الثوب والعبد إن لم يلاحظا من حيث التصرّف واليد ، كان مقتضى الأصل الموضوعي وهو عدم تملّك البائع ـ مضافا إلى أصالة الفساد في المعاملات وأصالة الحريّة في الإنسان ـ فساد المعاملة الواقعة وحرمة التصرّف فيهما.
فالحكم فيهما بصحّة الشراء وحلّيّة التصرّف من جهة أصالة الصّحّة في اليد
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٣٦١.