أقول : أمّا كون الحكم عند جلّ الأصحاب المانعين لجواز الارتكاب هو عدم جوازه فيما إذا اقتضى الأصل في المشتبهين الحرمة فممّا لا شبهة فيه أصلا.
وأمّا ما استظهره من كلماتهم : من أن ذلك من جهة الاحتياط وعدم جريان الأصل المقتضي للحرمة في المشتبهين فمحلّ تأمّل.
لم لا يكون من جهة العمل بالأصلين فيهما؟ نظرا إلى عدم لزوم محذور من العمل بهما أصلا ، لا المخالفة العمليّة القطعيّة ولا غيرها ، فلا تعارض بينهما حتى يرجع إلى الاحتياط.
والثمرة بين الحكم بوجوب الاحتياط من جهة إعمال الأصل والاحتياط لا يكاد أن يخفى ؛ فإنّه يترتّب على الأوّل جميع آثار الحرام الواقعي والنجس على المشتبهين ، فيحكم بتنجّس ملاقي أحدهما بخلاف الثاني هذا. ولعلّنا نتكلّم في ذلك زائدا على ما عرفت في الجزء الثالث من التعليقة إن شاء الله.
وأمّا المجوّزون للارتكاب فيلزمهم الفرق بين القسمين (١) والحكم بعدم
__________________
الحكومة إنّما هي فيما كان موردها متّحدا لا في موردين كما فيما نحن فيه » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٢٢.
(١) قال المحقق الخراساني قدسسره :
« كما يمكن الفرق بناء على أن يكون سقوط الأصل من الطرفين بسبب مراعاة التكليف المنجّز في البين لا لعدم المقتضي من عموم الدليل الدالّ على اعتباره ؛ فانه لا مانع حينئذ من أصالة الحرمة والنّجاسة ؛ حيث إنّ اجراءهما في الطرفين لا ينافي في هذه الصورة