إحداث الخطاب المطلق الفعلي المنجّز بالنسبة إلى خصوص بعض أطراف الشبهة أيضا ، لكن لا من جهة انتفاء القدرة العقلية بالنسبة إلى بعض الأطراف بالخصوص ، بل من جهة عدم ابتلاء المكلّف فعلا بحسب حاله بحيث يكون واقعة له ويصحّ عرفا توجيه الخطاب الفعلي بالاجتناب عنه على تقدير العلم بحرمته ، وإن صحّ توجيه الخطاب إليه بعنوان الاشتراط وصيرورته واقعة له مع فرض القدرة العقلية على فعله مع كون المكلف أجنبيّا عنه فعلا وإن أمكن ابتلاؤه به بعد ذلك.
كما إذا علم بوقوع النجاسة مثلا في إنائه ، أو إناء غيره. أو في ثوبه ، أو ثوب غيره مثلا بحيث يعلم عادة عدم ابتلائه بإناء الغير ، وثوبه بعارية ونحوها وهكذا ؛ فإن هذا النحو من العلم الإجمالي أيضا لا أثر له في توجيه الخطاب المنجّز إلى المكلّف على كل تقدير.
ألا ترى أنه يصحّ من المولى في حكم العقل الأمر بالاجتناب عن الطعام الذي ليس من شأن عبده ابتلاؤه به عادة على وجه التنجيز والإطلاق وإن حسن على وجه الاشتراط والتقييد بالابتلاء؟
وتوهّم : أن المطلوب بالنواهي هو الترك ولا يعتبر فيه القدرة الفعلية على الفعل ، غاية ما هناك اعتبار الإمكان العقلي بالنسبة إليه وتوطين النفس على الامتناع عنه عند صيرورته واقعة له ، فاسد جدّا بشهادة العقلاء قاطبة على تقبيح النهي المطلق عن المولى بالنسبة إلى ما يكون العبد أجنبيّا عنه بحسب حاله ، فلعلّ الوجه فيه ما أفاده بقوله : « ولعل السرّ في ذلك أن غير المبتلى تارك للمنهي عنه