عرفت الكلام فيه مرارا ـ فلا يستقيم أصلا ؛ فإنه بعد حكم العقل بوجوب دفعه تحقق هناك بيان عقلي رافع لموضوع أدلّة الحليّة والبراءة ، فيصير حال الشك حال الظنّ بالضّرر ، مع أنه في مقام الفرق بينهما كما هو صريح كلامه ومبناه في المقام.
قلت ـ بعد تسليم استقلال العقل في الشك في الضّرر الدنيوي كالشك في الضرر الأخروي وعدم المنع عنه كما ربّما يستظهر ممّا أفاده في المقام ومقتضى صريح كلامه في بعض المقامات ـ : أن حكمه في باب الضّرر كليّة ـ من باب الإرشاد وعدم الوقوع في الضّرر على ما عرفت سابقا ـ مقيد بعدم التدارك من جانب الشارع ، ولما لم يعقل التدارك في الضّرر الأخروي حكم في مورد احتماله ـ مع إذن الشارع فيه ـ بعدم الضّرر أصلا.
ومن هنا حكمنا بورود قاعدة القبح على قاعدة وجوب دفع الضّرر الأخروي ـ فيما تقدّم من كلماتنا ـ وكذا بالنسبة إلى الأدلّة النقليّة للبراءة ، وأمّا الضّرر الدنيوي فلمّا أمكن التدارك بالنسبة إليه ولم يكن هناك طريق بالنسبة إليه مع الشك كما هو المفروض وإن حكم العقل فيه من باب الإرشاد مقيّدا بعدم التدارك ، فلا يكون مانع من الرجوع إلى الأصل المثبت للتدارك ، فهو رافع في الحقيقة لقيد الموضوع ، فلو استند منع جريانه إلى حكم العقل في العنوان التقييدي لزم الدور الظاهر ، كما هو ظاهر هذا.
وقد تقدّم شطر من الكلام فيما يتعلّق بالمقام في هذا الجزء والجزء الأوّل من التعليقة فراجع إليه.