(١٠٤) قوله : ( وبالجملة : فالظاهر ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢٢٨ )
أقول : ما ذكره لا يخفى وضوحه على من له أدنى تدبّر ؛ إذ بعد فرض كون العلم على الوجه المذكور منجّزا للخطاب المردّد ، لزم احتمال الضّرر في كل من المشتبهين لاحتمال وجود متعلّقه. وقد عرفت : أنّ المناط في حكم العقل بوجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية ليس إلاّ احتمال الضّرر الأخروي في فعل المشتبه وهو لازم قضية تنجّز الخطاب كما لا يخفى.
فلا تفكيك في المقام بين حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعية ، بل قد عرفت في غير مورد من كلماتنا السابقة : أنه لا تفكيك بينهما بالنظر إلى حكم العقل في جميع الموارد ، وأنه لا ينافي عدم التفكيك بينهما في حكمه تجويزه إذن الشارع في عدم تحصيل الموافقة القطعيّة وعدم تجويزه إذنه في المخالفة القطعيّة فراجع إليه حتى تقف على حقيقة الأمر.
ولكن لا يخفى عليك أن ما ذكره ( دام ظلّه ) في تقرير إثبات وجوب الموافقة القطعيّة لا يخلو عن تأمّل ؛ لأن الظاهر منه ـ كما لا يخفى على المتأمل ـ إرادة إثبات الوجوب مع قطع النظر عن حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل بنفس عدم جريان أدلة البراءة ، ونظير هذا قد تقدّم منه في أول مسألة الشبهة المحصورة وقد عرفت ما فيه ثمّة.