فيما جوّزه هو نفس تردّد الخطاب من غير مدخليّة تردّد المتعلق ، مع أن بداهة العقل يحكم بعدم جواز ارتكاب المانع المردّد بين النجس ومال الغير مثلا.
والحاصل : أنّ تردّد المتعلق غير مؤثر عند المفصّل في تنجّز الخطاب ، ولهذا حكم بوجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة في الجملة ، وإنّما المانع عنده تردد الخطاب ، فلا فرق فيه بين تردّد متعلّق الخطاب المردّد وعدم تردّده كما هو واضح.
ومما يدلّك على ما ذكرنا هو ما ذكره ( دام ظلّه ) بقوله : « والحاصل : أن النواهي الشرعيّة ... الى آخره » (١) وحاصله يرجع إلى أن الوجه في عدم جواز تجويز الشارع لارتكاب الشبهة في صورة العلم الإجمالي بالحرام ؛ هو لزوم الإذن في معصية النهي أو التناقض في جعله ، وهو بعينه موجود في صورة تردّد الخطاب ؛ لأن العلم بوجود متعلّق أحد الخطابين المشتبهين يكون الإذن في ارتكابهما إذنا في ارتكاب ما نهي عنه قطعا ، وهذا معنى كون النواهي الشرعيّة بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهي واحد هذا.
ولكن لا يخفى عليك أنه يمكن إرجاع هذا إلى ما ذكرنا أوّلا في تقرير دليل حكم العقل كما يعلم من الرجوع إليه والتدبّر فيه.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٢٨.