المعلوم أوّلا وإن لم يكن خطابا تفصيليّا ، إلاّ أنه ينتقل منه إلى خطاب تفصيليّ.
قلت : نمنع الانتقال منه إلى خطاب تفصيلي خاطب به الشارع ، وإنّما ينتزع من الخطاب المردّد خطاب تفصيلي فلا عبرة به قطعا هذا.
ولكن قد عرفت فيما تقدّم : أن ما حقّقه الأستاذ العلامة هو الحق الذي يتعيّن المصير إليه والحكم به ؛ لأن الحاكم في مسألة قبح العقاب في صورة الجهل ، وحسنه في صورة العلم ولو إجمالا ـ إنّما هو العقل وبناء العقلاء الكاشف عنه ، ولا ريب عند من راجع الوجدان كون العقل مستقلاّ في الحكم بحسن العقاب في صورة العلم بتعلّق خطاب بالمكلّف ، ولو كان مردّدا بين الخطابين سواء كانا من جنس واحد ، أو من جنسين كالوجوب والتحريم.
بل قد عرفت ـ في طيّ كلماتنا السابقة في الشك في التكليف ـ حكم العقل بحسن العقاب في بعض صور الشكّ في التكليف أيضا كما في البناء على البراءة قبل الفحص في الشبهة الحكمية فكيف فيما كان هنا علم بالخطاب؟
ويدلّك على ما ذكرنا ويوضح لك الأمر ما ذكره ( دام ظلّه ) من فرض وحدة متعلّق الخطاب المردد ؛ فإن لازم المفصّل أن يقول بجواز الرجوع إلى البراءة فيه أيضا لجريان ما ذكره في الشبهة المحصورة بعينه في الفرض أيضا ، كما لا يخفى.
حيث إن القادح في وجوب الاحتياط عنده والمجوّز للرجوع إلى البراءة