أصالة الاحتياط المبنيّة على وجوب دفع الضّرر المحتمل الذي يستقل به العقل ، وبعد ورود الخبر لا يبقى احتمال الضّرر. وليس هذا الأصل من القواعد التي لا يجوز الخروج عنها بمجرد ورود خبر على خلافها من جهة إبائها عن التخصيص.
ولو استند ( دام ظلّه ) في عدم النهوض بعدم اعتباره من جهة إعراض المشهور عنه لكان أولى. ولعلّه المراد من كلامه ( دام ظلّه ) بأن يجعل المشار إليه الخبر من حيث وصف إعراض المشهور عنه فتأمل.
وممّا ذكرنا كله يظهر : الكلام في التمسّك للقول بالقرعة بعموماتها الواردة في كل مجهول ومشتبه ؛ حيث إنها وإن كانت واردة على أصالة الاحتياط على ما عرفت بها على تقدير العمل بها ، إلاّ أنّها من جهة كثرة ورود التخصيص عليها لا يعمل بها من دون جبر ، وهاهنا الحاصل بكثرة الخارج بعمل جمع من الأصحاب في الموارد الشخصيّة ، والمفروض أن المشهور قد تركوا العمل بها في المقام وأعرضوا عنها ، فكيف يتمسّك بها؟ بل قد عرفت : قدح إعراضهم في الرواية الخاصّة ، فكيف بالعمومات الموهونة؟ فافهم.
(٩٧) قوله : ( ولكن الإنصاف : أن الرواية ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢٢٣ )
أقول : لا يخفى عليك الوجه فيما ذكره ؛ فإنه بناء على حمل القرعة على الاستحباب تدلّ الرواية على جواز الارتكاب من دون القرعة أيضا مع إبقاء مقدار الحرام أوّلا معه ، ولكن يحمل عليه جمعا بينه وبين ما دلّ على عدم الإذن