الأوّل : الأصل. أي : قاعدة الاحتياط عند دوران الأمر بين التخيير والتعيين فإنّ مقتضاها تقديم احتمال التحريم والبناء عليه في مرحلة الظّاهر.
وفيه : ما لا يخفى ؛ لأن الدّوران في المسألة ليس بحسب الحكم الواقعي جدّا ، كما في دوران الخصال ونحوه ؛ ضرورة كون الحكم في مرحلة الواقع أحدهما المعيّن ، بل قد عرفت ـ في طيّ المناقشة فيما استظهر من كلام الشيخ قدسسره ـ عدم تعقّل التخيير الواقعي بين الوجوب والتحريم في مفروض البحث ، بل إنّما هو بحسب الحكم الظّاهري الذي يحكم به الشارع ، أو العقل.
والدليل عليه من الشرع ليس إلاّ ما عرفت ؛ من فحوى أخبار التخيير الواردة في تعارض الخبرين ، ولا يحتمل منها تعيين احتمال التحريم في المسألة قطعا.
وأمّا العقل فلا يعقل الدوران والترديد فيما يحكم به ؛ فإمّا أن يستقلّ بالتخيير ، أو التعيين ؛ ضرورة أن الترديد من الحاكم لا يجامع الحكم على كل تقدير ، فلا دوران حتى يرجع إلى الأصل ، ولما كان حكمه بالتعيين مبنيّا على ترجيح احتمال التحريم وأهميّته في نظر العقل ، ولا ترجيح عنده لاحتمال التحريم على احتمال الوجوب ، فلا محالة يحكم بالتخيير.
وأمّا القول : بأنه وإن لم يحتمل تعيين احتمال التحريم في نظر العقل إلاّ أنه يحتمل تعيّنه عند الشارع ـ من جهة احتمال تماميّة بعض الوجوه التي استدلّوا بها على التعيين ، وهو يوجب وقوف العقل عن الحكم بالتخيير فيجب البناء على