لكنه كما ترى لا يقتضي تجريد عنوان الاحتياط عن حقيقته ، ورفع اليد عنه ، وحمله على إرادة مجرّد الإتيان بالفعل ولو لم يكن بداعي احتمال المطلوبيّة كما هو ظاهر ما أفاده شيخنا قدسسره في « الكتاب » ، مع توقّفه على تمحّل ذلك في خصوص العبادات المحتملة ؛ إذ مبنى الوجه المزبور على ما عرفت على حمل الأمر المتعلّق بالاحتياط على الأمر الشرعي المولوي مع تجريد الاحتياط عن قصد التقرّب بامتثال الأمر المتعلّق به ، وهذا لا يقتضي تجريده عن الإتيان بالفعل حذرا عن مخالفة الواقع المحتمل الذي يتقوّم به حقيقة الاحتياط.
وأمّا ما استشهد به لذلك : من « استقرار سيرة أهل الفتوى على الفتوى باستحباب الفعل ... إلى آخر ما أفاده قدسسره » (١).
فقد يناقش فيه : بأن الإفتاء بالاستحباب على الوجه المذكور في الشبهة الحكميّة من جهة ورود خبر ضعيف في المسألة أو فتوى فقيه فيها ، ليس من جهة أخبار الاحتياط حتى يتوقّف على تجريده عن عنوانه على تقدير تعقّله وتسليمه ، وإنّما هو من جهة ما دلّ على التسامح في السنن عندهم من الأخبار الواردة في هذا الباب ؛ فإنّ دلالتها على ما زعموا وإن لم يخل عن إشكال سيّما عند شيخنا قدسسره على ما ستقف عليه عن قريب ؛ إلاّ أنهم لم يلتفتوا إلى هذا الإشكال ، أو لم يعتنوا به من جهة ضعفه ووهنه عندهم ، واعتقدوا الدلالة على ما ذهبوا إليه كما يظهر من
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٥٣.