وقد يقال بالفرق بين المقام وباب الاستصحاب ، فان الاستصحاب هو بنفسه حكم شرعى ذو موضوع ، وموضوعه امر عرفى فيلتمس فيه مذاق العرف ، ويتبين به تحديد دائرة موضوعه سعة وضيقا ، واما المقام فليس الاشكال فيه من حيث الترديد والشك فى معنى لفظ حتى يرجع فيه الى ما هو المتبادر عند اهل العرف ، ولا هو من قبيل الاستصحاب الذى هو حكم شرعى موكول تعيين موضوعه الى العرف حتى يلتمس موضوعه من فهم العرف وانظارهم ، بل هو لفظ مبين المفهوم ، بل والمصداق ايضا ، سوى ان العرف يتوسعون فى تطبيق المفهوم على ازيد من المصداق الحقيقى فيطلقون المقتل على سائر الازمة المتلاحقة المتشابهة صورة ليوم القتل الحقيقى ، ولا عبرة بمثل هذه المسامحة الجارية فى التطبيقات ، فان هذا نظير ما لو تسامحوا فصاروا يطلقون على ما ليس باحمر اسم الاحمر ، فانه لا يجب اتباعهم فى ذلك ، ويكون هذا من باب الاشتباه فى التطبيق لا من باب تعيين المسمى والمفهوم ، حتى يكونوا هم المحكم فيه.
ومن ثم ترى المشهور فى الفقه بعد ان بنوا على ان الفقاع هو الماء المتخذ من الشعير اقتصروا فى الحرمة على خصوص ذلك الماء وما تعدوا الى كل ما يسمى فقاعا فى العرف ولو لم يكن كذلك خلافا لما ذهب اليه شهيد الثانى فى الروضة حيث اخذ بالتعميم وبجريان حكم الفقاع على كل ما يسمى فقاعا عرفا مع حصول خاصيته او اشتباه حاله (١).
ويمكن الجواب ثالثا بما قرره الماتن قده فى باب الاستصحاب للتفصى عن جريانه فى الامور التدريجية الغير القارة ، قائلا ثمة ان
__________________
(١) ـ روض الجنان ص ١٦٤ وروضة البهية ص ٢١.