مثل ذلك الى القول بوضع على حدة للمثنى بنفسه من دون رجوعه الى وضع للعلامة وملحوقها. (١)
وهو بعيد جدا والتحقيق ان يقال : ان من شان المرآة سراية صفاتها الى المرئى كما ان صفات المرئى تسرى الى المرآة بسبب مزيد الاتحاد المتحقق فيما بينهما ، واللفظ لما كان متحد الصورة فى كلا معنييه سرت وحدته الى المعنيين كما سرى تعدد المعنى الى اللفظ فاعتبرت الوحدة من جهة والتعدد من جهة اخرى فصار اللفظ بمنزلة رجل معنى ، يحتوى على فردين ، فصح من اجل ذلك لحوق العلامة له لبيان حال هذا التعدد ، كما فى رجلين فلم يكن الاعلام فى حال التثنية الا كاسم الجنس ، يراد به فردان من معنى واحد من باب تعدد الدال والمدلول ، لا من باب استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد هذا ما يتعلق بكلام صاحب المعالم.
واما صاحب القوانين فحجته ان الوضع توقيفى لا يجوز التخطى عنه بغير رخصة من الواضع ، وقد وضع اللفظ فى حال الوحدة فلا يجوز استعماله فى غير ذلك الحال.
وهذه بظاهره مخدوش فيه اذ الحالات التى يقع الوضع عليها لم يجب مراعاتها ، كيف وإلّا لزم اختصاص اللفظ بالمعنى الذى كان عليه من الصفات والحالات ضحكا وقياما وقعودا وغير ذلك فلا يصح استعمال زيد مثلا فيه الا بالحالة التى كان عليها حين الوضع من هذه الصفات ، وهذا مما لا ريب فى بطلانه.
ويمكن ان يكون نظره قده الى ان الوضع لما كان جعل علاقة بين اللفظ والمعنى بنحو يكون اللفظ جهة مرآتية للمعنى ، والذى
__________________
(١) ـ الفصول فى الاصول : ص ٥٦.