فان التخصيص لم يكن الا من قبيل انعدام جملة من افراد العام ، فلو مات من العلماء فرد او فردان ، فهل ترى تغيرا فى عنوان العام؟ كلا بل العام هو بعنوانه باق وهو بذلك العنوان موضوع الحكم بوجوب الاكرام فافهم.
فلو وقع شك او ترديد فى خروج فرد من افراده بعد التخصيص ، كان مجال للتمسك باندراجه فى افراد العام ، بانطباق عنوانه عليه ، وترتب عليه حكمه المتعلق به بذلك العنوان ، فزيد العالم لو شك فى فسقه لم يكن يخرج بذلك الشك عن كونه مصداقا من مصاديق العلماء ، لانطباق عنوان العالمية عليه بالجزم واليقين ، وقد كان هذا العنوان بعينه موضوع الحكم بوجوب الاكرام ولم يتغير عما هو عليه بعد التخصيص ، فليجب اكرامه حتى تقوم الحجة على خلافه ، ولعله الى ذلك نظر القائل بجواز التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية ، ونحن الآن لسنا بصدد تأييده وتشييده ، فان التحقيق عندنا كما عرفت هو التفصيل المزبور ، وانما المقصود فى المقام التنبيه على ان العام بعنوانه محفوظ وباق على ما هو عليه قبل التخصيص وبعده ، وهذا بخلاف المطلق فإن الرقبة قبل التقييد ، كانت هى الموضوع للحكم بوجوب الاعتاق ، وهى بهذا العنوان تمام الموضوع قبل ورود دليل التقييد ، واما بعده فيتغير العنوان وتصير الرقبة جزء الموضوع ، لا تمامه ، بل تمامه هو الرقبة المؤمنة ، وتحقيقه سيجيء إن شاء الله تعالى فى باب المطلق والمقيد فانتظر له.
واذ قد تبين لك الفرق بين العموم والاطلاق ، ظهر لك الحال فى التوهم المزبور ، وانه على خلاف التحقيق ، فان دليل الوفاء بالنذور بمنزلة المطلق قاض بوجوب الوفاء به ، بعنوان النذرية ، فلما جاء دليل التقييد وافاد تقييده بالرجحان ، خرج النذر بذلك عن كونه تمام