قلت : ذات المنسوب اليه وماهيته لها تقرر فى الواقع قبل وجودها ، فمن ثم يقال : الذات موجودة ومعدومة ، وموضوع الاثر هى الذات ، فيتجه الاشارة اليها بأنها غير منسوبة الى قريش فى الازل ، وهى بهذا الحال وهذا الوصف يصح فيها جريان الاستصحاب باستصحاب عدم الانتساب اليه الى زمان الشك ، ويكون المقصود بذلك نفى الاحكام المترتبة على عنوان الخاص ، لا ترتيب احكام العام ، إلّا اذا كان حكم العام نقيضا لحكم الخاص ، فانه يمكن التمسك بالاستصحاب المذكور ، لترتيب كل من حكمى الايجابى والسلبى ، اذ نفى تشريع احدهما بعينه تشريع الآخر ، كما ان تشريع احدهما بعينه نفى تشريع الآخر ، فلو قال : المولى : يجب اكرام العلماء ثم استثنى الفساق منهم بدليل منفصل فقال : لا يجب اكرام الفساق من العلماء وشك فى فسق زيد العالم ، فلو استصحب عدم فسقه الازلى ، كان عدم وجوب اكرامه غير مجعول فى حقه ، وهو بعينه جعل الوجوب فى حقه ، وكذا لو فرض المثال بالعكس من ذلك فقال : لا يجب اكرام العلماء ثم قال : يجب اكرام العدول منهم ، فانه لو استصحب عدم عدالة زيد العالم المشكوك عدالته ، فقد افاد انتفاء وجوب اكرامه على حسب ما افاده حكم العام.
واما اذا كان اختلاف الحكمين بالتضاد دون التناقض ، فلا يكاد يجدى الاصل الا فى ترتيب ما يقتضيه من الحكم المترتب على الخاص ، من دون تعرض له الى نفى حكم العام او اثباته ، اذ استفادة ذلك من الاصل المذكور مبنى على القول باعتبار الاصولى المثبتة ، ولا نقول به.
فتلخص مما ذكرناه انا والماتن قده متوافقان عملا فى الاحكام المتناقضة ، دون الاحكام المتضادة ، اذ الماتن يقول : بانسحاب حكم العام الى المشكوك مطلقا ونحن نقول : باشتراك حكم المشكوك مع سائر الافراد المندرجة تحت الباقى من الافراد فى المتناقضين ، ركونا