وهى تدل على الاحاطة والشمول ولا يستفاد منها التكرار بحسب الوجود الا بمعونة القرائن المقامية ، ومن ثم تراها غير دالة على التكرار الوجودى فى مثل اكلت السمك كله ، ولا فى اكلت كل جزء من هذه السمكة ، بل الاول يراد منه استيعاب الطبيعة محضا بلا اعتبار تكرر فى الاكل ، كما انه فى الثانى يراد منه التكرار الاعتبارى قطعا ، نعم فى مثل قولك اكلت كل سمكة يراد منه التكرار الوجودى ، اى تكرر الاكل بحسب افراد السمك ، إلّا ان هذا المعنى ليس إلّا من خصوصية المثال لا بسبب الوضع ، وإلّا لكان اللفظ مشتركا وهو بعيد للغاية ، بل الظاهر ان اللفظ مشترك معنوى قد وضع لمعنى عام ، والظاهر ان معناه من سنخ المقادير التى يقدر بها الشىء ، فكلمة كل من قبيل النصف والربع من المقادير التى تلحق الشىء ، فاذا انتسب الحكم الى الشىء المحدود بواحد من تلك المقادير ، استفيد منه استيعاب الحكم لتمام المنسوب اليه المقدر بواحد منها نصفا كان او ربعا او كلا ، وليس مفاد كل معنى يغاير المقدار كما ربما يتوهم ذلك من كثير من العبائر ، ومن هنا يتبين ان دلالتها على العموم والإحاطة ، ليس إلّا بملاحظة ما عرفت من انتساب الحكم الى موضوعه القاضى بموافقته معه ، بلا زيارة ولا نقيصة ، وليست الاحاطة بما هى احاطة مدلولا لكلمة كل لا مفهومها ، لعدم تبادر المفهوم ، ولا مصداقها ، لان مصداق الاحاطة من سنخ الاضافات التى تحسب من المعانى الحرفية ، فلا تصلح ان تكون مدلولا للاسم الذى هو كلمة كل كما هو واضح.
ومن هنا ينقدح الاشكال فى تعريف العموم ، بأنه ما دل على الاحاطة ، لا دائه الى خروج مثل كلمة كل عن العموم ، لعدم وضعها للاحاطة التى هى من الاضافات والنسب التى هى من مداليل الحروف