المنشا على ان يكون كل من الغصب والصلاة من مقولة مستقلة ، فلا ريب فى جواز تخالفهما بتمام المنشا فى الرجحانية والمرجوحية كما لا ريب فى عدم جواز تخالفهما فى ذلك لو اتحدا فى حقيقة الكون ، واختلفا بالاعتبار كما هو ظاهر الكفاية ، حيث ادرج الغصبية فى مثال الاعتباريات المحضة التى ليس لها ما بازاء فى الخارج نحو الملكية ، فانه على هذا المبنى يستحيل تخالفهما فى الرجحانية والمرجوحية اذ هما من حيث الكون واحد يمتنع اتصافه بالضدين ، ومن حيث الاختلاف بالوجه الاعتبارى يمتنع اختلافهما رجحانية ومرجوحية ، اذ المتصف بهما ما له حظ من الوجود ، والاعتباريات المحضة لا حظ لها من الوجود ، فاذا لم يكن لهما حظ من الوجود ، لم يكن تتحمل المصالح والمفاسد ، حتى يترتب على ذلك الاتصاف بالرجحانية والمرجوحية فان المصالح والمفاسد انما تقوم بالخارجيات لا بالاعتباريات المحضة هذا.
ولكن الاشكال كله فى صحة المبنى فان الغصبية ليست كالملكية من الاعتباريات المحضة الغير الموجودة فى الخارج ، فان الغصب ينتزع من نسبة الكون فى المكان الى عدم رضاء المالك ، ومعلوم ان هذا لا يتقوم امره باللحاظ كما هو كذلك فى الاعتباريات بل له فى نفسه واقعية كان هناك لاحظ او لم يكن ، ومجرد كون الرضاء وعدمه من الامور الباطنية الغير المحسوسة بالعيان لا يصير الغصبية من سنخ الاعتباريات ، هذا لو كان الخلاف فى الجواز والامتناع بمناط تعدد الجهة وعدمه ، ولا يبعدان يكون خلافهم فى ذلك مبتنيا على هذا المناط لا غيره ، اذ لم يوجد لغيره فى كلامهم عين ولا اثر ، إلّا ان مرجع النزاع فى ذلك الى النزاع فى الصغرى ، اى ان الجهتين هل يختلفان بالمنشإ او هما متعدان فيه؟ فمن بنى على الاختلاف قال :