الى ان البحث عن وجوب المقدمة وعدم وجوبها كالبحث عن وجوب السورة وعدم وجوبها ، لا حق لفعل المكلف فيندرج فى المسائل الباحثة عن الاحكام المتعلقة بأفعال المكلفين ، ويحتمل الثانى نظرا الى ان مرجع الخلاف وجوبها وعدم وجوبها الى الخلاف فى تحقق الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها وعدم تحققها ، وهذا بحث عما يقع فى طريق الاستنباط فيكون مسئلة اصولية ، ويحتمل الثالث نظرا الى ان وجوب المقدمة يعد من لوازم وجوب ذيها فيكون مرتبطا بالاحكام ارتباط اللازم بملزومه ، ويكون حينئذ من المبادى الاحكامية.
وخير الوجوه اوسطها ، لان الاحتمال الاول يفتقر الى ان يكون مسئلة المقدمة كسائر المسائل الفرعية تحتوى على محمول ثابت لموضوعه بمنشإ خاص ، مثلا الصلاة واجبة مسئلة فرعية تشتمل على موضوع هو الصلاة ومحمول هو الوجوب ومنشأ انتساب الوجوب اليها ، كونها مما يترتب عليها الانتهاء عن الفحشاء والمنكر ، وهكذا سائر المسائل الفرعية ، لها موضوعات خاصة ، ومحمولات خاصة ، واغراض خاصة ، وليست هى عناوين جامعة لمسائل متعددة كما هو كذلك فى مسئلة المقدمة ، فإن البحث فيها عن الملازمة فى سريان الحكم من ذى المقدمة اليها من غير اختصاص ذلك الحكم بالحكم الوجوبى ، ولا بالحكم الاستحبابى ، وربما يختلف الحكمان بحسب اختلاف مراتبهما شدة وضعفا ، فكان التعبير بالمقدمة فى كلامهم كالعنوان العام الحاكى عن موضوعات عديدة مختلفة الحقيقة ، محكومة بأحكام مختلفة خصوصية ومناطا ، فهو كما لو قيل : فعل المكلف محكوم بأحد الاحكام الخمسة فإن مثل هذا لا يليق بالمسائل الفرعية ، مع انه مهما امكن جعل المسألة عن مسائل العلم المبحوث عنه لا وجه لجعله من مسائل