والذى يقرب فى النظر ان القربة معنى متولد من قصد الامتثال وليست هى عينه بل هى متسببة عنه اذ لو كانت القربة بمعنى قصد الامتثال فلم لا يجتزى بعبادة الجاهل المقصر اذا اتى بالعبادة قاصدا بها الامتثال والموافقة للامر ، وكذا ما ذكروه فى بطلان عبادة الكافر من تعليلهم البطلان بعدم صلاحية عمله للمقربية فإن ظاهره انحصار سبب المنع عن انعقاد العمل صحيحا بعدم صلوحه للمقربية بسبب الكفر ، لا لفقد شرطية الايمان.
وربما يرشد الى ذلك ما روى ان العامل لا ثواب فى عمله ، ما لم يعرف ولاية ولى الله وتكون اعماله بدلالة ولى الله (١) فإن التعبير بلسان لا ثواب فى عمله يشعر بقصور العمل بالنسبة الى مرحلة القبول والمقربية ، لا من حيث فقده شرطية الايمان ، فهذا واشباهه شاهد على ضعف القول بأن القربة المعتبرة فى العبادة «بمعنى الامتثال والاتيان بالواجب بداعى امره.»
«فى اعتبار قصد القربة فى المأمور به»
ثالثها : هل يمكن اعتبارها بكل من المعنيين فى المأمور به شرعا او لا يمكن؟ قولان اقواهما الاول لامكان تصور الشىء متعلقا للامر ، ثم يؤمر به ويبعث اليه مشروطا باتيانه مع التقرب سواء كان
__________________
(١) ـ الوسائل : ج ١ ابواب مقدمة العبادات باب : ٢٩ ـ حديث ٢ ... عن زرارة عن ابى جعفر «ع» فى حديث قال : ذروة الامر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء ورضا الرحمن ، الطاعة للامام بعد معرفته ، اما لو ان رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولى الله فيواليه ويكون جميع اعماله بدلالته اليه ، ما كان له على الله حق فى ثوابه ولا كان من اهل الايمان.