الا فى ابرازها من المولى بصورة الطلب والارادة ، لم يجب موافقتها للعالم بصدورها على هذا النحو قطعا ، لان المصلحة الباعثة على ايراد الامر لم تكن الا فى اظهار الطلب وقد حصلت باظهار المولى طلبه بالامر ، فلم يبق فى البين ما يقتضى التحرك نحو العمل بعد فرض انحصار المصلحة فى ابراز الطلب والارادة.
نعم لو كان العبد جاهلا بكيفية الحال ولم يعلم ان المصلحة فى الامر او المأمور به ، امكن القول بلزوم امتثاله للامر بحكم العقل اذ الامر بحسب ظاهر الصدور طريق الى واقع الارادة التى هو موضوع حكم العقل بلزوم الموافقة وحرمة المخالفة.
ولئن قلت : ان الاوامر الامتحانية يجب الحركة على مقتضاها حتى عند العالم بامتحانيتها وإلّا لانتفت فائدة الامتحان ، واذا وجب موافقتها عقلا تم مرام الخصم فيما يقوله من المغايرة بين الطلب والارادة ، اذ لو لا المغايرة لما تخلف مثل هذا الطلب اللازم موافقته عن الارادة.
قلت : مثل هذا الطلب لم يتخلف عن الارادة فلا يصلح نقضا على ما قلناه ، فان المأمور به بهذا الامر الامتحانى وان لم يكن فى نفسه ذات مصلحة ملزمة للاتيان به ، إلّا انه بعنوانه الثانوى الامتحانى مشتمل على مصلحة قطعا ، لظهور ان الامتحانية لا تحصل بغير التصدى للموافقة الحركة نحو المأمور به ، فهذا المأمور به بعنوانه الثانوى الامتحانى مراد مطلوب ايضا ، فلم تتخلف فيه الارادة عن الطلب ، وانما يتصور التخلف فى الصورة المزبورة التى لم يكن ثمة مصلحة الا فى ابراز الطلب واظهار الارادة ، فالامر فى هذه الصورة يريد الامر ولا يريد المأمور به فقد تخلف الطلب عن ارادة المطلوب ، وقد عرفت ثمة ان مثل هذا الطلب لا يحكم العقل فيه بوجوب موافقته وحرمة