وقال أحمد : إن ساق الهدي ، فالقران أفضل ، وإن لم يسقه ، فالتمتّع أفضل ؛ لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله قرن حين ساق الهدي ، ومنع كلّ مَنْ ساق الهدي من الحلّ حتى ينحر هديه (١) .
وذهب مالك وأبو ثور الى اختيار الإِفراد ـ وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وروي ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعائشة ـ لما روت عائشة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله أفرد بالحج (٢) (٣) .
ونمنع كون النبي صلّى الله عليه وآله أفرد ؛ فإنّه قد روى ابن عمر وجابر وعائشة من طرق صحاح عندهم أنّ النبي صلّى الله عليه وآله تمتّع بالعمرة الى الحج (٤) .
ولأنّ روايتهم اختلفت ، فرووا مرّةً أنّه أفرد ، ومرّةً أنّه تمتّع ، ومرّةً أنّه قرن (٥) مع وحدة القضية ، ولا يمكن الجمع بينها ، فيجب إطراحها كلّها .
مع أنّ عمر قال : إنّي لأنهاكم عن المتعة ، وإنّها لفي كتاب الله ، ولقد صنعها رسول الله صلّى الله عليه وآله (٦) .
ولأنّ النبي صلّى الله عليه وآله أمر أصحابه بالانتقال الى المتعة عن الإِفراد والقران ، ولا يأمرهم إلّا بالانتقال الى الأفضل ، ويستحيل أن ينقلهم
__________________
(١) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٩ .
(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٥٢ / ١٧٧٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٤٥ ، سنن الترمذي ٣ ١٨٣ / ٨٢٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٨ / ٢٩٦٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٣٥ ، الموطّأ ١ ٣٣٥ / ٣٨ .
(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣٨ ، التفريع ١ : ٣٣٥ ، المغني ٣ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٠ ، فتح العزيز ٧ : ١٠٧ ، المجموع ٧ : ١٥١ و ١٥٢ و ١٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٩ ، معالم السنن ـ للخطابي ـ ٢ : ٣٠١ ، أحكام القرآن ـ للجصاص ـ ١ : ٢٨٥ .
(٤) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٤١ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧ ـ ١٨ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٢ و ١٥٦ .
(٥) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٤١ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٣ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥٤ و ١٥٦ .
(٦) المغني ٣ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٤ ، وسنن النسائي ٥ : ١٥٣ .