فيصلح هذه الإِجماعات المنقولة وجهاً للجمع . ولكن كلام الأخيرين ليس نصّاً في دعوى الإِجماع ، سيّما مع نقلهما القول بالضربتين من قوم من أصحابنا . والأوّل وإن كان أظهر منهما دلالة عليهما ، إلّا أن ظاهره دعوى الإِجماع على كون الضربة الْاُولى في الجنابة للوجه الظاهر في المجموع ، مضافاً إلى تخصيصه الجبهة بالوضوء خاصة فيوهن لذلك . وبعد تسليمه فهو كسابقيه موهون بمصير معظم الأصحاب ومنهم هو في كتابيه ووالده وشيخه الكليني وغيرهم ـ كما عرفت ـ إلى خلافه .
ولقد كتبنا رسالة مبسوطة في تزييف هذا القول وتعيين الأول ؛ لظواهر الأخبار البيانية المسلّم دلالتها عند المشهور على المرة ولو في الجملة ، ولذا استدلوا بها للاكتفاء بها في الوضوء خاصة ، وصحاحها واردة في بيان التيمم بدلاً من الجنابة ، ومعه لا يصح الحمل على الوضوء ، منهما الصحيح في بيان وصف النبي صلّى الله عليه وآله التيمم لعمّار : « أفلا صنعت كذا » ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ، ثم مسح جبينيه بأصابعه ، وكفّيه إحداهما بالاُخرى ، ثم لم يعد ذلك (١) .
وفي التتمة إشعار بل ظهور بكون المبيَّن الملحوظ بيانه اتحاد الضرب أو تعدده ، وظاهره كونها من كلام الإمام عليه السلام ، فنقله عليه السلام عدم الإِعادة في نقل بيان العبادة ظاهر في عدم لزومها .
وقريب منه الموثق لزرارة عنه عليه السلام : عن التيمم ، فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ، ثم مسح على جبهته وكفّيه مرّة واحدة (٢) ونحوه
___________________
(١) الفقيه ١ : ٥٧ / ٢١٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٨ .
(٢) التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٦٠١ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ أبواب التيمم ب ١١ ح ٣ .