إذ ليست من المعاني المعهودة المعروفة للفظ النجاسة حتى ينصرف إليها مع القرينة الصارفة عن اللغوية.
والنصوص المعتبرة بنجاسة أهل الكتاب مستفيضة (١) ، وبفحواها يستدل على نجاسة غيرهم من أصناف الكفّار.
إلّا أنها معارضة بروايات أخر معتبرة الأسانيد (٢). لكنها موافقة للتقية ، مخالفة للإجماعات المحكية والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا ، بل إجماع البتّة ، كيف لا؟! ويعدّ نجاستهم عوام العامة والخاصة ـ فضلا من فضلائهم ـ من خصائص الإمامية.
فحملها على التقية متعين البتة ، مع إشعار بعض أخبار الطهارة بها ، ففي الحسن : « أمّا أنا فلا أدعوه ولا أؤاكله ، وإني لأكره أن أحرّم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم » (٣) ويؤيده مصير الإسكافي إليها (٤).
ومخالفة المفيد لنا في العزّية (٥) غير معلومة ، لذكره الكراهة ، وظهورها في المعنى المصطلح في زمانه غير معلوم ، فيحتمل الحرمة.
وكذا مخالفة العماني (٦) ، لتصريحه بطهارة أسآرهم ، ويحتمل إرادته الماء القليل من السؤر (٧) ، كما قيل : إنه المصطلح بين الفقهاء من لفظ السؤر حيثما ذكروه (٨) فتأمل.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤١٩ أبواب النجاسات ب ١٤ ، وج ٢٤ : ٢١٠ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٢٢٩ أبواب الأسآر ب ٣ ح ٣ ، وج ٣ ص ٤٢٢ أبواب النجاسات ب ١٤ ح ١١ ، وج ٢٤ ص ٢٠٨ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٣ ح ١ ، ٢ ، ٣ ، وب ٥٤ ح ٤.
(٣) الكافي ٦ : ٢٦٣ / ٤ ، الوسائل ٣ : ٤١٩ أبواب النجاسات ب ١٤ ح ٢.
(٤) نقله عنه في المعالم : ٢٤٩.
(٥) كما نقله عنه في المعتبر ١ : ٩٦.
(٦) على ما حكى عنه في المدارك ٢ : ٢٩٥ ، والذخيرة : ١٥٠.
(٧) وهو قائل بعدم تنجّس الماء القليل بالملاقاة ، كما حكي عنه في المعتبر ١ : ٤٨.
(٨) حاشية المدارك للوحيد البهبهاني. المدارك ( الطبع الحجري ) : ٢٣.