فالقول بنجاسة البحري كما عن الحلّي تبعا للاسم (١) ضعيف غايته.
كالقول بطهارة ما لا تحلّه الحياة منهما ومن الكافر كما عن المرتضى (٢) ، بناء منه على الأصل ، لوجوب تخصيصه بما مرّ لعمومه ، بل كون ذلك أغلب أفراده. ودعواه الإجماع ممنوعة ، كيف؟! وهو منفرد من بين الطائفة بالقول بالطهارة.
نعم : في الخبرين أحدهما الصحيح : عن الحبل يكون من شعر الخنزير ، يستقى به الماء من البئر التي يشرب منها ، أيتوضأ من ذلك الماء؟ قال : « لا بأس » (٣).
وربما أشعر بالطهارة ، إلّا أنه مبني على رجوع الإشارة إلى الماء المستقى دون ماء البئر ، ومع ذلك يتوقف على قلّته ، وليس بمتعيّن ، فيحتمل الرجوع إلى الثاني ، أو الأوّل بشرط كثرته ، ويتصور في الدلاء العظيمة المحتملة لمقدار الكرّ. ولا ريب في نفي البأس عنه على الاحتمال الثاني ، وكذا على الأوّل بناء على المختار من عدم الانفعال.
وعلى تقدير التسليم فحملهما على التقية لازم ، لحكاية القائل به منّا ذلك عن أبي حنيفة المشتهر رأيه في زمان صدورهما.
هذا مع معارضتهما بالمستفيضة الصريحة بالنجاسة ، منها : عن شعر الخنزير يخرز به ، قال : « لا بأس ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلّي » (٤).
ومنها : « خذوه ـ أي شعر الخنزير ـ فاغسلوه ، فما له دسم فلا تعملوا به ، وما لم يكن له دسم فاعملوا به ، واغسلوا أيديكم منه » (٥).
__________________
(١) السرائر ٢ : ٢٢٠.
(٢) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٢.
(٣) الكافي ٣ : ٦ / ١٠ ، التهذيب ١ : ٤٠٩ / ١٢٨٩ ، الوسائل ١ : ١٧٠ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢.
الخبر الثاني : الكافي ٦ : ٢٥٨ / ٣ ، الوسائل ١ : ١٧١ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٣.
(٤) التهذيب ٩ : ٨٥ / ٣٥٧ ، الوسائل ٣ : ٤١٨ أبواب النجاسات ب ١٣ ح ٣.
(٥) الفقيه ٣ : ٢٢٠ / ١٠١٩ ، التهذيب ٩ : ٨٥ / ٣٥٦ ، الوسائل ١٧ : ٢٢٨ أبواب ما يكتسب به ب ٥٨ ح ٤.