مطالب السّئول / الفصل السابع ، والعلاّمة نور الدين بن صبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ١٢٨ ، والقندوزي في الينابيع : باب ٥١ ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة / الباب الخامس آخر الباب ، وغير هؤلاء من علمائكم والخبر مشهور عن ضرار بن ضمرة الضبائي قال في مجلس معاوية [اشهد بالله لقد رأيت علي بن أبي طالب في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، قابضا على لحيته ، يتململ تململ السّليم ، ويبكي بكاء الحزين ويقول : يا دنيا غرّي غيري ، أبي تعرّضت؟ أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات ، طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير وخطرك كبير وعيشك حقير ، آه من قلّة الزاد وبعد السّفر ووحشة الطريق.] فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن لقد كان والله كذلك (١).
__________________
(١) أرى أن انقل للقارىء الكريم خبر ضرار بن ضمرة بكامله لما فيه من فوائد جمّة ، أنقله من كتاب تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، قال في آخر الباب الخامس ، بإسناده إلى جدّه أبي الفرج بن الجوزي وهو بإسناده المتّصل عن محمد بن السّائب الكلبي عن أبي صالح قال [دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له : يا ضرار! صف لي عليا! فقال : أو تعفني؟ قال : لا أعفيك قالها مرارا.
فقال ضرار : أما إذ لا بدّ ، فكان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجّر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة كثير الفكرة ، يقلّب كفّه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع قربه منّا ودنوّه إلينا لا نكلّمه هيبة له ، ولا نبتديه لعظمه ، فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظّم أهل الدين ، ويحبّ المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ،