وخاصّة معاوية بن أبي سفيان الذي خصّص أموالا طائلة لهذا الغرض الإلحادي. ولو عرفتم راوي هذا الخبر وفسقه وفجوره ، ما شككتم في كذبه وافترائه وعدم صحة أخباره.
فإنّ الراوي هو المغيرة بن شعبة ، من ألدّ أعداء الإمام عليّ عليهالسلام ، وهو الذي اتّهم بالزنا في البصرة وشهد عليه ثلاثة من الشهود عند عمر ، ولمّا أراد الرابع أداء الشهادة ، قاطعه عمر بجملة فأبى الرابع من أدائها ، فخلص المغيرة ، وأقام الحدّ على الشهود (١).
__________________
(١) لقد نقل هذا الخبر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١٢ / ٢٢٧ ط دار إحياء الكتب العربية ، قال [(الطعن السادس في عمر) أنّه عطّل حدّ الله في المغيرة بن شعبة ، لما شهد عليه بالزنا ولقّن الشاهد الرابع الامتناع عن الشهادة ، اتّباعا لهواه ، فلمّا فعل ذلك عاد إلى الشهود فحدّهم وضربهم.]
فبعد نقله الأقوال ، قال في صفحة ٢٣١ [أمّا المغيرة فلا شكّ عندي أنّه زنى بالمرأة ، ولكنّي لست أخطّئ عمر في درء الحدّ عنه ، وإنما أذكر أوّلا قصته من كتابي أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، وأبي الفرج الأصفهاني ، ليعلم أنّ الرجل زنى بها لا محالة ، ثم اعتذر لعمر في درء الحدّ عنه ، فروى ابن أبي الحديد القصة بالتفصيل ثم قال في صفحة ٢٣٩ : فهذه الأخبار كما تراها تدلّ متأمّلها على أنّ الرجل زنى بالمرأة لا محالة ، وكلّ كتب التواريخ والسّير تشهد بذلك.]
ثم نقل عن الأغاني خبرين آخرين ، قال أبو الفرج بعدهما وحكاه عنه ابن أبي الحديد في صفحة ٢٤١ [وإنّما أوردنا هذين الخبرين ليعلم السامع أنّ الخبر بزناه كان شائعا مشهورا مستفيضا بين الناس.]
أقول : هؤلاء الفسقة الفجرة ، المغيرة وأصحابه وأشباهه كانوا يضعون الأخبار ويفترون على الإمام عليّ عليهالسلام وكلّ من ينسب إليه إرضاء لرغبات معاوية ، فيشترون مرضات المخلوق بسخط الخالق.
«المترجم»