بسببها ، والأموال التي نهبت بأمرها ، والحرمات التي هتكت بنظرها .. تذهب أدراج الرياح ، ولا يحاكمها الله على أعمالها؟!
أين إذا قول الله سبحانه : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١)؟!
صحيح أن الله عزّ وجلّ أرحم الراحمين ، ولكن في موضع العفو والرحمة ، وأشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة.
ولا يخفى أنّ من شروط قبول التوبة ، ردّ حقوق الناس وإرضائهم ، فإنّ الله تعالى ربما يعفو عن حقه ، ولكن لا يعفو عن حقوق الناس. وعائشة تابت بالقول واللسان ، لا بالفعل والجنان ، ولذلك ما كانت مطمئنّة من قبول توبتها وغفران الله سبحانه لها وهي أعرف بنفسها ، ولذا ذكر أكابر علمائكم مثل الحاكم في المستدرك ، وابن قتيبة في المعارف ، والعلاّمة الزرندي في الأعلام بسيرة النبي (ص) ، وكذلك ابن البيّع النيسابوري ، وغيرهم ذكروا أنّ عائشة أوصت إلى عبد الله بن الزبير وسائر محارمها فقالت : [ادفنوني مع أخواتي بالبقيع فإنّي قد أحدثت أمورا بعد النبي (ص)!]
أمّا قولكم بأنّها نسيت بعض أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في شأن الإمام علي عليهالسلام وفضله ومناقبه ، ونسيت تحذير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لها من خروجها على أمير المؤمنين ومحاربتها له عليهالسلام ، وبعد ما وضعت الحرب أوزارها وانتهت المعركة بانتصار علي عليهالسلام وجيشه وانكسار عائشة وجيشها ، تذكّرت أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما سمعته من فمه المبارك في ذلك فتابت واستغفرت!!
__________________
(١) سورة الزلزلة ، الآية ٧ و ٨.