اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١).
ثانيا ...
وأما قولك : بأنّ الزبير بعد ما توجّه إلى خطئه وانحرافه عن الحق تاب واستغفر. فأقول : نعم تاب ولكن لم يعمل بشرائط التوبة ، فقد كان الواجب عليه أن يسعى في ردّ ممن اغراهم فيهديهم إلى الحق الذي عرفه في جانب الامام علي عليهالسلام ، وكان يلزم أن ينضمّ هو أيضا تحت راية الحق وجيش أمير المؤمنين عليهالسلام ولا ينعزل عن الميدان والمجاهدة.
وأما عائشة فإنّ عصيانها وذنبها معلوم لكل الناس ، ولكنّ توبتها غير معلومة ، وهي كذلك ما عملت بشرائط التوبة بل ارتكبت بعد ذلك أيضا أشياء تكشف عن حقدها وبغضها لآل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم انّ قولك : والله خير الغافرين وهو يقبل التوبة من عباده وهو أرحم الراحمين.
كل ذلك صحيح ومقبول ولكن حفظت شيئا وغابت عنك أشياء ، فقد قال الله سبحانه : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (٢)
وكلّنا نعلم أن عائشة كانت عالمة غير جاهلة وكانت في خروجها على الإمام وقتالها لعلي عليهالسلام عامدة غير ساهية ، وقد نصحتها أم سلمة قرينتها ، ونصحها الإمام علي عليهالسلام ، وكثير من الصحابة ، أن لا تخرج من بيتها ولا تغترّ بطلحة والزبير ومروان وأمثالهم ، وقد حذّرها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبلهم ، وأمرها الله عزّ وجلّ في كتابه بقوله : (وَقَرْنَ فِي
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية ١٠٨.
(٢) سورة النساء ، الآية ١٧.