__________________
فمن قائل يقول : صدقت ، وآخر يقول : كذبت ، فلم يبرح الناس يقولون ذلك حتى ضرب بعضهم وجوه بعض ، فبينما هم كذلك ، أتاهم رجل من أشراف البصرة بكتاب كان كتبه طلحة في التأليب على قتل عثمان ، فقال الرجل لطلحة : هل تعرف هذا الكتاب؟ قال : نعم ؛ قال : فما ردّك على ما كنت عليه؟! وكنت أمس تكتب إلينا تؤلّبنا على قتل عثمان ، وأنت اليوم تدعونا إلى الطلب بدمه!!
وقد زعمتما ـ أي : طلحة والزبير ـ أنّ عليا دعاكما إلى أن تكون البيعة لكما قبله إذ كنتما أسنّ منه ، فأبيتما إلاّ أن تقدّماه لقرابته وسابقته ، فبايعتماه فكيف تنكثان بيعتكما بعد الذي عرض عليكما؟!
قال طلحة : دعانا إلى البيعة بعد أن اغتصبها وبايعه الناس ، فعلمنا حين عرض علينا أنّه غير فاعل ، ولو فعل أبى ذلك المهاجرون والأنصار ، وخفنا أن نردّ بيعته فنقتل ، فبايعناه كارهين ، قال : فما بدا لكما في عثمان؟ قال : ذكرنا ما كان من طعننا عليه وخذلاننا إيّاه ، فلم نجد من ذلك مخرجا إلاّ الطلب بدمه!!
قال : ما تأمراني به؟ قال : بايعنا على قتال عليّ ونقض بيعته!
قال : أرأيتما أن أتانا بعدكما من يدعونا إلى ما تدعون إليه ما نصنع؟
قالا : لا تبايعه! قال : ما أنصفتما ، أتأمراني أن أقاتل عليا وأنقض بيعته وهي في أعناقكما ، وتنهياني عن بيعة له عليكما؟ أما إنّنا فقد بايعنا عليّا ، فإن شئتما بايعناكما بيسار أيدينا!
قال : ثم تفرّق الناس فصارت فرقة مع عثمان بن حنيف ـ وهو عامل عليّ على البصرة ـ وفرقة مع طلحة والزبير.
ثم جاء جارية بن قدامة فقال : يا أم المؤمنين ... لقتل عثمان كان أهون علينا من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون ، انه كانت لك من الله تعالى حرمة وستر ، فهتكت سترك ، وأبحت حرمتك!! إنّه من رأى قتالك فقد رأى قتلك ، فإن