الدنيوية وغيرها ، فلا أدري من اين جاء الحافظ حفظه الله بهذا التّقييد؟
ثانيا : كل علماء المسلمين من الشيعة وأهل السنّة قد أجمعوا على أنّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام كانت امرأة مثاليّة ، وكانت في أعلى مرتبة من مراتب الإيمان بحيث أنزل الله تعالى في شأنها آيات من الذكر الحكيم وشملتها آية التطهير وآية المباهلة وسورة الدّهر ، وقد مدحها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرّفها بأنّها سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء أهل الجنة ، وأنّها امتلأت إيمانا ، ومثلها لا تسخط لأجل أمر دنيوي وماديّ ، بذلك السخط الذي لا يزول إلى آخر حياتها. وهي تعلم بأنّ كظم الغيظ والعفو عن الخاطئين من علائم الإيمان والمؤمن ليس بحقود ، إلاّ أن يكون السخط من أجل الله تعالى ، فإنّ المؤمن حبّه وبغضه في الله ولله سبحانه وتعالى ، فكيف بفاطمة وهي سيدة نساء المؤمنين ـ كما في الحديث الشريف ـ وقد طهّرها الله عزّ وجلّ من الأرجاس والرذيلة والصفات الذميمة ولقّبها أبوها بالطاهرة المطهّرة ، وهي ماتت ساخطة على أبي بكر وعمر ، كما هو إجماع أهل الصحاح والمحدثين؟ فما كان سخطها إلا لأمر دينيّ لا دنيوي ، وإنّها غضبت عليهما لأنّهما غيّرا دين الله وخالفا كتاب الله كما احتجّت عليهما في خطبتها التي مرّ ذكرها بالآيات القرآنية.
وأما قولك أيها الحافظ : إنّ فاطمة رضيت فسكتت ؛ لا والله ما رضيت ، ولكن حين رأت القوم خصومتها لا يلتفتون إلى كلامها ولا يسمعون دلائلها وهم مصرّون على باطلهم وظلمهم فسكتت ، وما كان لها إلاّ أن تسكت ، ولكنّها أبدت سخطها عليهم ، بأن أوصت إلى زوجها الإمام علي عليهالسلام أن لا يحضر جنازتها وتشييعها أحد ممّن آذاها