رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم / صحيح البخاري بحاشية السندي : ج ٤ / كتاب المرضى باب قول المريض قوموا عني وج ٤ / ٢٧١ / باب كراهية الخلاف.
نعم كان ابن عباس يتأسّف ويبكي ، ويحقّ لكل مسلم منصف أن يتأسّف ويبكي ، وأن يتألّم ويتأثر ويتغيّر ، ونحن على يقين أنّهم لو تركوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتب وصيته ، لبيّن أمر الخلافة من بعده وعيّن خليفته مؤكّدا عليهم بأن يطيعوه ولا يخالفوه ، ولذكّرهم كلّ ما قاله في هذا الشأن وفي شأن وصيه وخليفته ووارثه من قبل. والذين منعوا من ذلك ، كانوا يطمعون في خلافته كما كانوا يعلمون أنه يريد أن يسجّل خلافة ابن عمه علي بن أبي طالب ، ويكتبه ويأخذ منهم العهد والبيعة له في آخر حياته ، كما أخذ عليهم ذلك في يوم الغدير ، لذلك خالفوه بكل وقاحة ومنعوه من ذلك بكل صلافة!
الشيخ عبد السلام : كيف تدّعي هذا ومن أين تبيّن لك أنّه صلى الله عليه وسلّم أراد أن يوصي في أمر الخلافة ويعيّن علي بن أبي طالب لهذا الأمر من بعده؟!
قلت : من الواضح أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن جميع أحكام الدين للمسلمين ، وما ترك صغيرة ولا كبيرة من الفرائض والسنن إلاّ بيّنها ، حتى قال تعالى في كتابه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) ، فكان من هذه الجهة مرتاح البال ، ولكن الذي كان يشغل باله هو موضوع خلافته وولي الأمر بعده ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعرف عداوة كثير من الناس لعلي بن أبي
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٣.