ما تخرم مشيتها مشيّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى دخلت على أبي بكر وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار ، فضرب بينها وبينهم ريطة بيضاء ، ـ وقال بعضهم : قبطيّة ، وقالوا : قبطية بالكسر والضم ـ ثم أنت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء ثم أمهلت طويلا حتى سكنوا من فورتهم ، ثم قالت : ابتدئ بحمد من هو أولى بالحمد والطّول والمجد ، الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم.]
وذكر خطبة طويلة جيدة قالت في آخرها : فاتّقوا الله حقّ تقاته ، وأطيعوه فيما أمركم به ، فإنّما يخشى الله من عباده العلماء ، واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة.
ونحن وسيلته في خلقه ، ونحن خاصّته ومحل قدسه ، ونحن حجّته في غيبه ، ونحن ورثة أنبيائه.
ثم قالت : أنا فاطمة ابنة محمد ، أقول عودا على بدء ، وما أقول ذلك سرفا ولا شططا ، فاسمعوا باسماع واعية وقلوب راعية! ثم قالت : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١) فان تعزوه ابي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم .. ثم ذكرت كلاما طويلا تقول في آخره : ثم أنتم الآن تزعمون ان لا إرث لي! (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)؟ (٢) إيها معاشر المسلمين! أبتزّ إرث أبي!
يا ابن أبي قحافة! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي!! لقد جئت شيئا فريّا!! إلى آخر خطبتها (٣).
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ١٢٨.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٥٠.
(٣) أقول : وروى ابن أبي الحديد هذه الخطبة عن طريق عروة عن عائشة ، في شرح