فانفردت يوما عن
أصحابي وذهبت إلى روضة الإمامين الجوادين ، فرأيت الوضع كما وصفتم ، ولكن لمّا
رجعت إلى أصحابي وعرفوا بأنّي ذهبت إلى تلك الروضة المقدّسة ، تحاملوا عليّ
وعاتبوني عتابا شديدا! فاعتذرت إليهم بأنّي ما ذهبت بقصد الزيارة والتقرّب إلى
الله عزّ وجلّ ، وإنّما ذهبت للتفرّج والاستطلاع ؛ فسكتوا عنّي!!
وأنا الآن أراجع
نفسي وأتعجّب كثيرا ، فأقول : لما ذا تكون زيارة الإمام الأعظم والشيخ عبد القادر
في بغداد جائزة ، وزيارة الخواجة نظام الدين في الهند جائزة ، وزيارة الشيخ الأكبر
مقبل الدين في مصر جائزة ، وموجبة للأجر والثواب ، حتّى إنّ جماعة كثيرة ـ كلّ عام
ـ يشدّون الرحال إليهم من هذه البلاد ويقطعون مسافات بعيدة ، ويصرفون أموالا كثيرة
، وهم يقصدون التقرّب إلى الله سبحانه ، ويعتقدون أنّهم يحسنون صنعا ويكتسبون
ثوابا وأجرا!!
عجبا هذه الزيارات
موجبة للأجر والثواب ، مع علمنا بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لم يذكر فيهم خبرا
، ولم يذكرهم بمدح وثناء ، ولكن زيارة الحسين ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي جاهد في سبيل الله وضحّى بنفسه للدين ، وقد وردت في
شأنه وفي فضله الأحاديث النبوية الشريفة الكثيرة المرويّة في كتب كبار علمائنا ،
تكون بدعة؟!!
ولقد نويت الآن
وعزمت على أن أذهب هذا العام إن شاء الله ، وأتشرّف لزيارة سيّدنا الحسين ، وأحضر
عند مرقده المقدّس ، قربة إلى الله تعالى ، وطالبا لمرضاته ، وراجيا منه سبحانه أن
يعفو عمّا سلف منّي.
ثمّ قاموا
وانصرفوا جميعا ، وودّعناهم وشايعناهم إلى باب البيت.