الدور الرابع؟!! وهذا تناقض بيّن (١).
__________________
(١) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٢ / ٥٢ ـ ٥٤ ط دار إحياء التراث العربي :
قال : وروى عبد الله بن عمر ، قال : كنت عند أبي يوما وعنده نفر من الناس ـ إلى أن قال : ـ فقال [أي أبوه عمر] : يا ابن عبّاس! أتدري ما منع الناس منكم؟!
قال : لا يا أمير المؤمنين.
قال : لكنّي أدري.
قال : ما هو يا أمير المؤمنين؟
قال : كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوّة والخلافة ، فتجخفوا جخفا ، فنظرت قريش لنفسها فاختارت ، ووفّقت فأصابت.
فقال ابن عبّاس : أيميط أمير المؤمنين عنّي غضبه فيسمع؟!
قال : قل ما تشاء.
قال : أمّا قول أمير المؤمنين : «إنّ قريشا كرهت» فإنّ الله تعالى قال لقوم : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) سورة الأحزاب : ١٩.
وأمّا قولك : «إنّا كنّا نجخف» فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ، ولكنّا قوم أخلاقنا مشتقّة من خلق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي قال الله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم : ٤.
وقال له : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) سورة الشعراء : ٢١٥.
وأمّا قولك : فإنّ قريشا اختارت ، فإنّ الله تعالى يقول : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) سورة القصص : ٦٨. وقد علمت يا أمير المؤمنين أنّ الله اختار من خلقه لذلك من اختار ، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفّقت وأصابت قريش.
فقال عمر : على رسلك يا ابن عبّاس ، أبت قلوبكم يا بني هاشم إلاّ غشّا في أمر قريش لا يزول ، وحقدا عليها لا يحول.
فقال ابن عبّاس : مهلا يا أمير المؤمنين : لا تنسب هاشما إلى الغشّ ، فإنّ قلوبهم من قلب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي طهّره الله وزكّاه ، وهم أهل البيت الّذين قال الله