فالخبر ثابت لا ينكره إلا المعاندون الجاهلون الّذين ليس لهم اطّلاع على تاريخ الاسلام وغزوات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم . والآن فقد ثبت للحاضرين ، وخاصة العلماء والمشايخ ، بأنّي لا أتكلّم من غير دليل ، ولم أقصد إهانة الصحابة ، بل مقصدي بيان الواقع وكشف الحقائق ، التي منها الاستدلال بالتاريخ والحديث والعقل والنقل ، بأنّ جملة (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) في الآية الكريمة تنطبق على الإمام عليّ عليهالسلام قبل أن تنطبق على غيره كائنا من كان.
وهذا لم يكن قولي أنا فحسب ، بل كثير من أعلامكم صرّحوا به ، منهم العلاّمة الكنجي في «كفاية الطالب» في الباب الثالث والعشرين ، فإنّه يروي حديثا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يشبّه فيه عليّا عليهالسلام بالأنبياء ، وفي تشبيهه بنوح عليهالسلام يقول العلاّمة الكنجي : وشبّه بنوح لأنّ عليا عليهالسلام كان شديدا على الكافرين ، رءوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله : (... وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ...) (١) وأخبر الله عزّ وجلّ عن شدّة نوح على الكافرين بقوله : (... رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢) انتهى.
فعليّ عليهالسلام هو المصداق الأجلى والأظهر لجملة (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) (٣).
__________________
ح ٦٠١٣ ـ ٦٠١٥ ، والموفّق بن أحمد الخطيب الخوارزمي في المناقب : ٢٣٢. «المترجم».
(١) سورة الفتح ، الآية ٢٩.
(٢) سورة نوح ، الآية ٢٦.
(٣) الّذي يعرف من الأخبار والتواريخ أنّ عمر بن الخطّاب كان شديدا على المسلمين ،