كتابه «كفاية الطالب» في الباب الثالث والعشرين ، وبعد روايته للحديث النبويّ الشريف الذي يشبّه فيه الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بالأنبياء والمرسلين عليهمالسلام .. فيقول العلاّمة الكنجي في شرحه للحديث : ... وشبّهه بنوح في حكمته ، وفي رواية في حكمه ، وكأنّه أصحّ لأنّ عليّا عليهالسلام كان شديدا على الكافرين رءوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) وأخبر الله عزّ وجلّ عن شدّة نوح عليهالسلام على الكافرين بقوله : (... رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (١) ... إلى آخر كلام العلاّمة الكنجي.
وأمّا قول الشيخ عبد السّلام : بأنّ (وَالَّذِينَ مَعَهُ) إشارة إلى أبي بكر لأنّه كان صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغار.
فإنّي أجبت بأنّ صحبته كانت من باب الصدفة ، ولو سلّمنا بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذه معه لا عن صدفة ، فهل مرافقة أيّام قلائل وصحبة سفر واحد ، تساوي مرافقة أكثر العمر وصحبة سنين عديدة هي التي قضاها مولانا الإمام عليّ عليهالسلام تحت رعاية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعلّم عنده وتأدّب بآدابه وتربّى على يده وتحت إشرافه؟!
فلو أنصفتم لقلتم : إنّ عليّا أخصّ من أبي بكر في هذه الصفة أيضا ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذه من أبي طالب وربّاه في حجره وعلّمه وأدّبه ، فكان أوّل من آمن به وعمره حينذاك عشر سنين ، آمن عليّ عليهالسلام حين كان أبو بكر وعمر وعثمان وأبو سفيان ومعاوية وغيرهم من المسلمين ، كفّارا مشركين ، يعبدون الأوثان ويسجدون للأصنام ، وعلي
__________________
(١) سورة نوح ، الآية ٢٦.