كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١).
هذه الآية الكريمة إضافة على أنّها تؤيّد رأينا في تأويل الآية السابقة : (وَالَّذِينَ مَعَهُ) فهي تسجّل فضيلة كبرى ، ومنقبة عظمى لسيّدنا أبي بكر الصدّيق (رض) ، لأنّ مصاحبته للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تدلّ على منزلته عنده ، ودليل على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعلم بعلم الله أنّ أبا بكر يكون خليفته ، فكان يلزم عليه حفظه كما يلزم حفظ نفسه الشريفة ، لذلك أخذه معه حتّى لا يقع في أيدي المشركين ، ولم يأخذ النبيّ أحدا سواه ، وهذا أكبر دليل على خلافته.
قلت : إذا أبعدتم عنكم التعصّب ، وتركتم تقليد أسلافكم ، ونظرتم إلى الآية الكريمة بنظر التحقيق والتدقيق ، لوجدتم أنّها لا تعدّ فضيلة ومنقبة لأبي بكر ، وليس فيها أي دليل على خلافته!
الشيخ عبد السلام : إنّي أتعجّب من قولك هذا ، والآية صريحة في ما نقول ، ولا ينكره إلاّ معاند متعصّب!
قلت : قبل أن أخوض هذا البحث أرجو أن تعرضوا عن كلامكم ، لأنّي أخشى أن يمسّ ويخدش البحث عواطفكم ، فإنّ الكلام يجرّ الكلام ، ونصل بالبحث إلى ما لا يرام ، ولا يتحمّله العوامّ ، لسوء ما تركّز عندهم في الأفهام.
الشيخ عبد السلام : أرجو أن لا تتكلّم بالإبهام ، بل بيّن لنا كلّ ما عندك من الجواب والردّ على ما قلناه بالتمام ، ونحن إنّما اجتمعنا وحاورناكم لنعرف حقيقة الإسلام ، ونحن مستعدّون لاعتناق مذهبكم إذا ظهر لنا وثبت أنّه الحقّ الذي أمر به محمّد سيّد الأنام (صلّى الله
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ٤٠.