قلت : لو كان أحد الحاضرين من غير العلماء يطرح هذا الإشكال ما كنت أتعجّب ، ولكن هذا البيان من رجل فاضل يعلم قواعد اللغة العربية ... مثلكم غريب!
لأنّ الاستثناء الذي جاء في آخر حديث المنزلة يفيد العموم ، وهو : «إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».
ثمّ هناك أصل مقبول عند أشهر علماء اللغة العربية وهو : إنّ اسم الجنس إذ ذكر في الكلام وكان مضافا إلى اسم علم فهو يفيد العموم وكلمة «المنزلة» التي اضيفت الى اسم «هارون» يفهم منها معناها العام.
وجملة : «لا نبيّ بعدي» يؤول على المصدر ، أي : «لا نبوّة بعدي» وهو أيضا على القاعدة المشهورة بين اللغويّين العرب.
الحافظ : إذا ننظر إلى جملة : «لا نبيّ بعدي» بنظر الدقّة ، لوجدناها جملة إخبارية. فلا يمكن استثناؤها من منازل هارون ومراتبه ، ثمّ ما الداعي لنصرف ظاهر الكلمة على المصدر؟!
قلت : إنّك تعرف الحقّ وتحرفه جدلا! لأنّ كلامي غير شاذّ ، بل هو على القواعد المسلّمة عند علماء اللغويّين والاصوليّين ، وهناك كثير من علمائكم قالوا به وصرّحوا بما فهمناه من حديث المنزلة.
وعندنا دليل أقوى من كلّ ذلك ، وهو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صرّح أيضا بهذا المعنى كما في بعض الروايات الصحيحة المعتبرة عند علمائكم ، منهم :
١ ـ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، في كتابه «كفاية الطالب في مناقب مولانا علي بن أبي طالب» الباب السبعين.
٢ ـ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي ، في كتابه «ينابيع المودّة»