وفي سورة مريم ، الآية ٥٣ قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا).
الحافظ : إذا على هذا فمحمد وعليّ كلاهما نبيّان مبعوثان من عند الله إلى الخلق!
قلت : أنا لا أقول هكذا ، وأنت تعلم أنّ عدد الأنبياء كثير جدّا ، وهو محل اختلاف بين العلماء ، حتّى قال بعضهم : إنّ عددهم مائة وعشرون ألفا أو أكثر ، لكن كان أكثرهم يتّبعون الأنبياء أولي العزم من الرسل. وهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتمهم سيّدنا ونبيّنا محمّد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وهارون كان نبيّا غير مستقلّ ، وإنّما كان تابعا لأخيه موسى ويعمل على شريعة أخيه.
كذلك الإمام عليّ عليهالسلام ، كان تاليا لرتبة أخيه وابن عمّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واصلا مقام النبوّة ولكن غير مستقلّ بالأمر ، بل كان تابعا لشريعة سيّد المرسلين وخاتم النبيّين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وكان غرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذا الحديث الشريف أن يعرّف عليّا عليهالسلام لامته في هذا المقام ، ويثبت له تلك الرتبة الرفيعة والدرجة العليّة ، وهذه خصيصة عالية من خصائص الإمام عليّ عليهالسلام.
وذكر ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» حديث المنزلة وعلّق عليه قائلا :
ويدلّ على أنّه وزير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من نصّ الكتاب والسنّة ، قول الله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (١).
__________________
(١) سورة طه ، الآية ٢٩ ـ ٣٢.