بلهفة ، وأصغي لكلامكم بكلّ شوق ورغبة ، ولكن أرجو من السادة الحاضرين جميعا ـ وأنا معكم ـ أن نترك التعصّب والتأثّر بعادات محيطنا وتقاليد آبائنا ، وأن لا تأخذنا حميّة الجاهلية ، فنرفض الحقّ بعد ما ظهر لنا ، ونقول ـ لا سمح الله ـ مثل ما قاله الجاهلون : (حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) (١) أو نقول : (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) (٢).
فالرجاء هو أن ننظر نحن وأنتم إلى المواضيع والمسائل التي نناقشها نظر الإنصاف والتحقيق ، حتّى نسير معا على طريق واحد ونصل إلى الحقّ والصّواب ، فنكون كما أراد الله تعالى لنا : إخوانا متعاضدين ومتحابّين في الله تبارك وتعالى.
فأجاب الحافظ : إنّ كلامكم مقبول على شرط أن يكون حديثكم مستندا إلى القرآن الكريم فقط.
قلت : إن شرطكم هذا غير مقبول في عرف العلماء والعقلاء ، بل يرفضه العقل والشرع معا ، وذلك لأنّ القرآن الكريم كتاب سماويّ مقدّس ، فيه تشريع كلّ الأحكام بإيجاز واختصار ممّا يحتاج في فهمه إلى من يبيّنه ، والسنّة الشريفة هي المبيّنة ، فلا بدّ لنا أن نرجع في فهم ذلك إلى الأخبار والأحاديث المعتبرة من السنّة الشريفة ونستدلّ بها على الموضوع المقصود.
الحافظ : كلامكم صحيح ومتين ، ولكن أرجو أن تستندوا في حديثكم إلى الأخبار الصحيحة المجمع عليها ، والأحاديث المقبولة عندنا وعندكم ، ولا تستندوا بكلام العوامّ والغثّ من عقائدهم.
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ١٠٣.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٧٠.