رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (١).
وأمّا الآية الأخيرة التي تلاها الشيخ عبد السلام فإنّه بترها ولم يتمّمها ليحصل غرضه ، وإنّ مثله كمن يبتر كلمة التوحيد ـ لا إله إلاّ الله ، فيتلفّظ بأوّلها ويترك آخرها ، وكذلك هذه الآية الكريمة فإنّ أوّلها يدلّ على معتقد الشيخ ، وإذا تلوناها إلى آخرها فنجدها تفنّد معتقد الشيخ وتؤيّد معتقدنا وهي كما في سورة آل عمران / ١٧٩ : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) ولا يخفى على أهل العلم معنى الاستثناء في الآية الكريمة ، والقاعدة العربيّة : الاستدراك بعد النفي إثبات كما أنّ الاستثناء بعد النفي في كلمة لا إله إلاّ الله إثبات للتوحيد. وكذلك الاستثناء في الآية التي تلوتها آنفا من سورة الجن (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) جاء الاستثناء بعد الجملة النافية ، فهو إثبات أي : يظهر على غيبه من ارتضى من رسول.
وفي آية اخرى يصرّح تعالى بأنّه يوحي إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعطيه من أنباء الغيب ، قوله تعالى : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) (٢) وقوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) (٣).
ثم إذا لم تعتقد بمعتقد الشيعة بأنّ الله تعالى يفيض من علم الغيب
__________________
(١) سورة الجن ، الآية ٢٦ ـ ٢٨.
(٢) سورة هود ، الآية ٤٩.
(٣) سورة الشورى ، الآية ٥٢.