والإدارة؟ فإن كانت السياسة والإدارة عندهم بمعنى الكذب والدّجل والظلم والنفاق ومزج الحق بالباطل والتلبيس والتدليس ـ كما نرى أبناء الدنيا يرتكبونها لأجل الحصول على الحكم والسلطان ـ فإنّي أصدّقكم بأنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام كان يفقد هذه السياسة والإدارة ، لأنّها بعيدة عن الدين والإسلام ، أمّا إذا فسرنا السياسة بالإدارة الحكيمة المقرونة بالعدل والإنصاف بأن يساوي بين الرعيّة ويأخذ الحق من الظالم ويردّه للمظلوم ، ولا تأخذه في الله لومة لائم في إقامة الحدود وسدّ الثغور وتنفيذ الأحكام ، فالإمام علي عليهالسلام أعظم سياسي وأحكم إداري في الإسلام. ولقد يحدثنا التاريخ أنّه لمّا بويع بالخلافة عزل الولاة والحكّام الذين كانوا من قبل عثمان بن عفّان ، وهم الذين ـ بسوء تصرفاتهم ـ سبّبوا ثورة المسلمين على خليفتهم عثمان فقتلوه.
وذكر المؤرخون أنّ ابن عباس أشار على ابن عمه أمير المؤمنين في معاوية فقال [ولّه شهرا وأعزله دهرا]. وكذا المغيرة أشار عليه بذلك ، ولكنّه عليهالسلام قال «لا والله لا أبقيه ساعة واحدة على ولايته ، وما كنت أطلب النصر بالجور! فلو أبقيت معاوية وأمثاله على ولاياتهم وأقررتهم على مظالمهم وجرائمهم ، بم أجيب الله سبحانه؟ وكيف ألقاه في يوم الحساب؟!».
وكان يقول عليهالسلام «لو لا التقوى لكنت أدهى العرب ، والله ما معاوية بأدهى منّي ولكنّه يغدر ويمكر». وقد تكرّر منه عليهالسلام هذا الكلام وشبهه كما في تاريخ الطبري ، وفي العقد الفريد لابن عبد ربه ، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
فكلام الشيخ بأنّ الاضطرابات والحروب التي وقعت أيام خلافة