__________________
جئناك ، ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ، ولمن بعدك من عقبك ، إذ كنت عمّ رسول الله (ص) وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله (ص) ومكان أهلك ، ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم ، وعلى رسلكم بني هاشم ؛ فإنّ رسول الله (ص) منّا ومنكم.
فاعترض كلامه عمر ، وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته ، فقال : إي والله. وأخرى : إنّا لم نأتكم حاجة إليكم ، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا لأنفسكم ولعامّتهم. ثم سكت.
فتكلّم العباس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنّ الله ابتعث محمدا (ص) نبيّا كما وصفت ووليّا للمؤمنين .. إلى أن قال لأبي بكر : فإن كنت برسول الله (ص) طلبت ـ الخلافة ـ فحقّنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم ؛ ما تقدمنا في أمركم فرطا ولا حللنا وسطا. ولا نزحنا شحطا ؛ فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا نحن كارهين. وما أبعد قولك : إنّهم طعنوا من قولك إنّهم مالوا إليك! وأمّا ما بذلت لنا ، فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك ، وإن يكن حقّ المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه ، وإن يكن حقّنا لم نرض لك ببعضه دون بعض.
وما أقول هذا أروم صرفك عمّا دخلت فيه ، ولكن للحجّة نصيبها من البيان. وأمّا قولك : إنّ رسول الله (ص) منّا ومنكم. فإنّ رسول الله (ص) من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
وأما قولك يا عمر : إنّك تخاف الناس علينا. فهذا الذي قدمتموه أوّل ذلك ، وبالله المستعان.]
وروى ابن أبي الحديد أيضا في شرح نهج البلاغة : ج ٦ / ١١ ، ط دار إحياء التراث