__________________
فأين الفلتة من الإجماع؟!
ولو نظرنا إلى الحوادث والوقائع التي كانت عقيب السقيفة والمعارضات التي بدت من المهاجرين والأنصار لخلافة أبي بكر ، عرفنا أنّ الإجماع ما تمّ أبدا ، وإنّما بايع بعض وعارض آخرون ، ثم خضعوا خوفا من القتل. كما روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١ / ٢١٩ ، ط دار إحياء الكتب العربية بيروت. [وقال البرّاء بن عازب : ... وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالازر الصنعانيّة ، لا يمرّون بأحد إلاّ خبطوه ، وقدّموه فمدّوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه ؛ شاء ذلك أو أبى ؛ فأنكرت عقلي ...
قال : ورأيت في الليل ، المقداد وسلمان ، وأبا ذر وعبادة بن الصامت وأبا الهيثم بن التيّهان وحذيفة وعمّارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.]
ونقل أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ٦ / ١٩ ، عن الزبير بن بكّار أنّه قال : فلما بويع أبو بكر ، أقبلت الجماعة التي بايعته تزفّه زفّا إلى مسجد رسول الله (ص) ، فلمّا كان آخر النهار ، افترقوا إلى منازلهم ، فاجتمع قوم من الأنصار وقوم من المهاجرين ، فتعاتبوا فيما بينهم ، فقال عبد الرحمن بن عوف : يا معشر الأنصار ، إنّكم وإن كنتم أولي فضل ونصر وسابقة ؛ ولكن ليس فيكم مثل أبي بكر ولا عمر ولا عليّ ولا أبي عبيدة.
فقال زيد بن أرقم : إنّا لا ننكر فضل من ذكرت يا عبد الرحمن. وإنّ منّا لسيّد الأنصار : سعد بن عبادة ، ومن أمر الله رسوله أن يقرئه السلام ، وأن يؤخذ عنه القرآن : أبيّ بن كعب ، ومن يجيء يوم القيامة امام العلماء : معاذ بن جبل ، ومن أمضى رسول الله (ص) شهادته بشهادة رجلين : خزيمة بن ثابت ؛ وإنّا لنعلم أنّ ممّن سمّيت من قريش من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد : علي بن أبي طالب.