ولقد أجمع علماؤنا أنّ أوّل من اتخذ من تراب كربلاء ـ بعد استشهاد أبي عبد الله الحسين سيد الشهداء وانصاره وصحبه السعداء الشهداء الأوفياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ هو الإمام السجاد زين العابدين ، إذ حمل معه كيسا من تلك التربة الزاكية الطيّبة ، فكان يسجد على بعضها ، وصنع ببعضها مسباحا يسبّح به. وهكذا فعل أئمة أهل البيت عليهمالسلام من بعده ، وهم أحد الثقلين ، فيلزم الاقتداء بهم والأخذ بقولهم وفعلهم لقول النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم «إني تارك
__________________
به المرّة الأولى ، ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبّلها.
فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله؟! قال «أخبرني جبريل عليه الصلاة والسلام : أنّ هذا يقتل بأرض العراق ـ للحسين ـ. فقلت لجبريل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فهذه تربتها». قال : هذا حديث صحيح.]
ورواه العلاّمة الطبراني في (المعجم الكبير) ص ١٤٥ مخطوط ، بإسناده إلى أم سلمة عن طريق آخر ، فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن المستدرك لكنّه أسقط قولها [ثم اضطجع ، إلى قولها : فاستيقظ]. وذكر بدل قوله حائر : خائر النفس.
ورواه المحب الطبري في (ذخائر العقبى) ١٤٧ طبع القدس بالقاهرة عن طريق ثالث بالإسناد إلى أم سلمة بعين ما تقدّم عن (المستدرك) من قوله [استيقظ وهو حائر دون ما رأيت] الخ لكنّه ذكر بدل كلمة حائر : خائر.
فإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّل تربة كربلاء باعتبار أنّها تكون مضجع ولده الحسين في المستقبل ، كيف لا يجوز لنا ان نقبّل تلك التربة ونقدّسها بعد أن أريقت عليها دماء الحسين وأصحابه وآله الأبرار الطيبين الأخيار ، وصارت لهم مرقدا إلى يوم الحساب؟ فصلوات الله وسلامه عليهم وعلى أبدانهم وأرواحهم ، ولقد طابوا وطابت الأرض التي دفنوا فيها.
«المترجم»