ولمّا كان سلمان من شيعة أهل البيت والموالين لآل محمّد (ص) ومن المخالفين لاجتماع السقيفة والخليفة المنتخب فيها ، أرشد قومه وهداهم إلى مذهب الشيعة ، ودعاهم إلى التمسّك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم ، وهو ولاية وإمامة أبي الحسن أمير المؤمنين ، لأنّه شهد يوم الغدير ، وبايع عليّا عليهالسلام بالخلافة ، وسمع أحاديث عديدة من فم النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم في شأن أبي الحسن وسمع مرارا حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أطاع عليّا فقد أطاعني ، ومن أطاعني فقد أطاع الله ، ومن خالف عليّا فقد خالفني ، ومن خالفني فقد خالف الله (١).
٥ ـ لو تعمّقنا في الموضوع وتفحّصنا التاريخ للوصول إلى جذوره ، لوجدنا أنّ من أهمّ أسباب التفاف الإيرانيّين حول عليّ وبنيه عليهمالسلام ، وابتعادهم عن الغاصبين لحقوق آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو : سوء معاملة الخليفة عمر بن الخطّاب مع الإيرانيّين بعد ما أسلموا وهاجر كثير منهم إلى المدينة المنوّرة ، فكانت سيرته معهم خلاف سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع سلمان ، وكانت سيرته معهم تصرّفات شخصية تنبئ عن حقد دفين في قلبه لهم ، وكان يحقّرهم ويمنعهم من الحقوق الاجتماعية التي منحها الله تعالى لكلّ إنسان (٢).
__________________
(١) ذكر الحديث الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ـ طبعة دار المعرفة بيروت ـ : ٣ / ١٢١ مع اختلاف فليراجع.
(٢) روى مالك في الموطّا : ٢ / ١٢ ، عن الثقة عنده ، أنّه سمع سعيد بن المسيّب يقول :«أبى عمر بن الخطّاب أن يورّث أحدا من الأعاجم إلاّ أحدا ولد في العرب» وعلى هذا يفتي مالك فيقول : «وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدوّ فوضعته في أرض العرب فهو ولدها ، يرثها إن ماتت ، وترثه إن مات ، ميراثها في كتاب الله» مع