فأقول : بل الأفضل أن نعتبر من الماضي ولا نكرر أخطاء أسلافنا الماضين ولا سيما في أمر الدين.
والأفضل أيضا أن نتحد مع بعض ، ولكن يجب أن يكون اتحادنا على قبول الحق ، فيلزم قبل الاتحاد أن نبحث ونناقش لنعرف الحق فنتقبّله ونتمسك به كلّنا ، وهذا هو الاتحاد الممدوح والذي يريده الله تعالى.
وأما قولك : فنتّبع الواقع ونخضع للتاريخ. فهو كلام أوهن من بيت العنكبوت. وفيه ضرب من المغالطة ، لأنك بهذا الكلام تريد منّا أن نتّبع من غلب ، ونخضع لمن حكم ، وما أكثر الظالمين الذين غلبوا المظلومين وما أكثر الطغاة الذين حكموا في العالم. فليس كل من غلب وحكم حقيق بأن نتّبعه ونخضع له.
وأما فيما هو بحثنا وهو الخلافة ، فإنّ التاريخ يحدّث ويحكي بأنّه بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انقسم المسلمون واختلفوا ، فقسم منهم تبعوا أبا بكر وبايعوه وخضعوا لحكمه وخلافته ، والقسم الآخر خالفوه ورفضوا حكمه وخلافته ، وتبعوا عليا وأطاعوه مستندين في عملهم بالقرآن الحكيم وأحاديث النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم .
فالواجب علينا اليوم أن ننظر إلى أقوال الطرفين ودلائلهم ونختار مذهب أحدهما بالدليل والبرهان ، فإنّه لا يصح التقليد في أصول الدين والمذهب. فهل يعذر أبناء اليهود والنصارى إذ اتّبعوا ملّة آبائهم وقلّدوا أسلافهم بحجّة القول : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (١)؟
بل يجب على كلّ مكلّف أن يتديّن بدين الله تعالى عن دراسة
__________________
(١) سورة الزخرف ، الآية ٢٣.