|
والعقائد . وكانت نتائج بعض الفكر المجردة أن غيرت محيطنا وقلبته رأساً على عقب ( وهي العلوم التجريبية والميكانيكية ) ، وتركت أثراً كبيراً في حياتنا الفردية والاجتماعية . ولكن يجب البحث عن العواطف الباطنية والإِلهامات الفطرية في ضمن الفكر التي يمكن تسميتها بـ ( الفكر العَتَليّة ) (١) كالعقائد الأولية للطموح وحب الكمال والعقائد الدينية . وكل نظرية تغفل النظر إلى هذه الفكر ، وتسعى في سبيل « إيجاد الراحة المادية للبشر كما تفعل بقطيع من الأغنام فإن تلك النظرية تكون ناقصة ومنحرفة » (٢) . |
ومن هنا يتضح أن المبادىء التي تبشر بها المدنية الحديثة لا ترمي إلا إلى خلق قطيع من الأغنام المتلبسة بلباس الآدميين .
والإِمام علي عليهالسلام يشير إلى هذه النكتة في ضمن حديث له مع كميل بن زياد حول بعض الناس المنحرفين ، فيقول « . . . أو منهوماً باللذة سلس القياد للشهوة ، أو مغرماً بالجمع والإِدخار . . . ليسا من رعاة الدين في شيء ، أقرب شيء شبهاً بهما : الأنعام السائمة » (٣) .
فنرى كيف يشبه الإِمام هاتين الطائفتين ( المطيعون للشهوات ـ والمفتونون
____________________
(١) هكذا ورد في تعبير المؤلف . ولعل ذلك يرجع إلى العتلة . والمراد بالعتلات في بحوث الميكانيك من علم الفيزياء ، هو الآلات التي تستعمل لرفع وتحريك أجسام عظيمة بصرف جهود بسيطة . كما لو رفعنا صخرة كبيرة بواسطة وضع قضيب حديدي تحت ركن من أركانها وأسندنا ذراع القضيب إلى صخرة صغيرة مثلاً . ويجري قانون العتلات في البكرات المتسلسلة التي تخفض ثقل الأجسام إلى النصف بعدد البكرات ، وكثيراً ما نشاهد أمثلة ذلك في الرافعات ( السلينكات ) التي ترفع أجساماً ثقالاً بصرف جهود بسيطة . وعلى أي حال فالمراد من ( الفكر العتلية ) هنا هو الفكر التي يستعان بها في تيسير الحياة الهانئة السعيدة والصفاء الفكري بمجهود بسيط .
(٢) سرنوشت بشر ص ١٤٧ .
(٣) شرح نهج البلاغة للملا فتح الله ص ٥٥٠ ـ